السبت، 21 أبريل 2012

ازمة الثقافة

تعاني ثقافتنا الفلسطينية والقومية من أزمة حادة تتجلى في الفجوة الواسعة التي تفصلها عن الشعب، وتعاني من عدم قدرتها على كسر الحلقات المغلقة، لتخرج من فلك التخلف والتبعية إلى رحاب الديمقراطية والتنمية والبحث.
فهي كما يبدو عاجزة عن إحداث التغير النوعي في بناها وعاجزة أيضاً عن مواجهة الغزو الثقافي و مراميه التطبيعية ، و لعل ذلك يرجع إلى أسباب كثيرة أهمها نزع المثقف من وظيفته الاجتماعية وإلحاقه بأخرى وفصم علاقة الثقافة بالتحرر الوطني الإنساني والتقدم الاجتماعي إلى جانب استثناء الرأي الآخر والتعصب الفئوي، وترويج نماذج نمطية للذهن تتميز بالسلبية والإتكالية وتذعن للأمر الواقع والتي بدورها تؤدي إلى طمس شخصية الإنسان وزرع مشاعر العجز لديه عن الإبداع . 
للإشارة هنا إلى عمق هذه الأزمة نتساءل : - هل أنجزت ثقافتنا مهمات التنوير وأرست ركائز التحرر الوطني وقيم الديمقراطية ؟ هل وضعت أسس للتنمية الاجتماعية بشقيها المادي الإنتاجي والروحي الثقافي ؟ وما مدى نجاحها في بلورة قيم المجتمع ومعاييره ومثله وإغناء معارفه ؟ وما مدى اهتمامها بالواقع ومشاكل الحياة ؟ هل نجحت في تأصيل مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية والعدالة الاجتماعية والمجتمع المدني ؟
بتقديري سيقدم واقعنا الراهن وحياتنا أجوبة سالبة لهذه التساؤلات …حتى لا يفهم الأمر بالمعنى العكسي وحفظاً للذاكرة الوطنية فلقد كانت هناك العديد من المحاولات لترقية الثقافة الفلسطينية والعربية وقدمت في هذا الجانب إسهامات رائدة في سبيل بناء الإنسان كلفت أصحابها تضحيات جسيمة بلغت حد الاستشهاد لكنها تركت بصمات مجيدة في ثقافتنا الفلسطينية والعربية . ومع التطور الواسع في هذا العالم وتخصيصاً ثورة الاتصالات والمعلومات ، نؤكد على أهمية وسائل الاتصال بالجماهير واهمية التحلي بالجرأة في ممارسة النقد وتبيان اوجه القصور في النشاطات الثقافية والفكرية فنحن في عصر يتعاظم فيه دور الثقافة والاعلام. لكي نستطيع التصدي للحرب النفسية المضادة بثقافة التنمية المادية والبشرية، الثقافة التي تحترم حق الإنسان في المعرفة وتحرره من الخرافة وتنمي قدراته على التفكير كشرط لإقامة مجتمع ديمقراطي مدني متحرر قادر على التحدي والمواجهة ، هذا يستدعي منا الخروج من إطار القطرية الضيق والانفتاح على البعد القومي ويجب على مثقفينا أن يكونوا في طليعة هذا اللواء لكي نستطيع تحصين الكيان الحضاري والقومي ونحافظ على الذاكرة الوطنية والحضارية من عوامل القطع والتداعي والاستلاب وننشل الجماهير من حالة الإحباط لنحولها إلى قوى بناء وتقدم واعية .
فثقافتنا تمر في ظروف تحتاج إلى جهود من البحث والتحليل وحوار الآراء المتعددة وجدل الفكر والممارسة العملية ومخاطبة العقل في الإنسان والجماعات وتحتاج أكثر إلى نقد حاد لكل عوامل القصور والإحباط من أجل تحصين ثقافتنا وتأهيلها للمواجهة الحضارية فنحن بحاجة إلى ثقافة الإبداع والتصدي والتغيير .
فهل ستنجح ثقافتنا ومؤسساتنا الثقافية وإعلامنا في ذلك … إنه التحدي…. فهل نحن قادرين ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق