الثلاثاء، 17 أبريل 2012

واقع ونضال الأسري في سجون الاحتلال / المحامي صلاح عبد العاطي



 مقدمة:تعتبر إسرائيل نفسها دولة فوق القانون، لذا تمعن في جرائم حربها وعدوانها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان الفلسطيني ولتصل هذه الانتهاكات حد تشريع وممارسة التعذيب واعتقال الأطفال والنساء وعزل القادة واستمرار سياسية الاعتقال الإداري ومنع الأهالي من زيارة أبنائهم في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، ومنذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في عام 1967 أكثر من 750000 (سبعمائة وخمسون ألف) فلسطيني، يشكون تقريبا 20% من مجموع السكان الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أما اليوم فق بلغ عدد الأسرى في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي قرابة (  4600 ) اسير من بين الأسرى ( 5 ) أسيرات و( 168 ) طفلاً ، و( 309 ) معتقلاً إداريا و( 26 ) نائباً ، وعدد من القيادات السياسية على رأسهم مروان البرغوثي واحمد سعدات وعزيز دويك وخضر عدنان ، وهؤلاء موزعين على سبعة عشر سجناً ومركز توقيف ، أبرزها نفحة وريمون وعسقلان ، بئر السبع وهداريم وجلبوع وشطة ، الرملة والدامون وهشارون ، ومعتقلات النقب وعوفر ومجدو، ويعانون من سياسات الاعتقال الإداري والتعذيب والإهمال الطبي والعزل والمنع من الزيارة والحرمان من التعليم والاعتداءات المتكررة ، سوف نعرض هنا إبراز الانتهاكات التي يتعرض لها الأسري في سجون الاحتلال . المنع من الزيارةيستمر الاحتلال في منع زيارة الأهالي من قطاع غزة لأبنائهم الأسري ، رغم ان هذا المنع يشكل عقاب اضافى للأسير وذويه في مخافة واضحة لكافة النظم والقوانين والاتفاقيات الدولية وعلى رأسها اتفاقية جنيف الرابعة التي كفلت حق الأسير في زيارة ذويه . ومعظم الأسرى المعزولين ممنوعون من زيارة عائلاتهم، ما يؤدي إلى زيادة حجم المعاناة النفسية لكل من الأسير وعائلته، علماً أن الاسري يعانون من نقص في حاجياتهم الأساسية وعدم القدرة على إدخال تلك الحاجيات عن طريق العائلة.وقد اقر الكنيست تشريع  يقضي بمنع زيارة ذوي الأسرى لأبنائهم ممن ينتمون لفصائل تأسر جنود اسرائيليين، مع العلم أن ذوي أسرى غزة ممنوعين من زيارة أبنائهم منذ حزيران 2007 بشكل جماعي ، هذا بالإضافة الى العديد من القوانين المجحفة التي أقرت في السنوات الماضية ومنها التي أتاحت التعذيب ومنحته الغطاء القانوني ، وفي عام 1996 أقرت قانون تتضمن وضع قيود على زيارات الأهل.وقد عجز الصليب الأحمر الدولي من ضمان الزيارة لكل أهالى الأسرى بسبب سياسة المنع ، حيث يحق لكل اسير بشكل طبيعي زيارة واحدة أسبوعياً للموقوف وكل أسبوعين للمحكوم مع ادخال الاحتياجات من ملابس وغذاء وكتب وعلى شبك مطالبين بالغاء الزجاج العازل وعد ربط هذا الموضوع بأى حجج أخرى .فزيارة الأهل هي حق مشروع للأسرى وذويهم ، ينظرها الطرفان على أحر من الجمر ، ولكن سلطات الاحتلال سلبت هذا الحق من آلاف الأسرى تحت ما يُسمى المنع الأمني أو بشكل جماعي كما هو حاصل مع ذوي أسرى قطاع غزة ، وكما حولت سلطات الاحتلال الزيارة لمن يُسمح لهم بها إلى رحلة عذاب ومعاناة واستفزاز .العزل إذلال عبر محاكمة صورية العزل عقوبة تفرضها إدارة سجون الاحتلال إمعاناً في إذلال السجين ومحاولةً لكسر إرادته وتحطيم نفسيته، حيث يعيش معزولاً عن العالم الخارجي لا يستطيع الاتصال مع أي إنسانٍ كان سوى السجان، وهو شبيه بعقوبة السجن الإداري حيث يقضي الأسير المعزول سنوات عديدة من عمره دون أن يدري متى يخرج.هناك محكمة صورية يعرض لها الأسير كل ستة شهور إذا كان العزل انفراديا ( أي شخص واحد في الزنزانة) أو كل سنة إذا كان العزل مزدوجاً ( أي شخصان في الزنزانة) ، وهذه المحكمة تأتمر بأمر المخابرات الإسرائيلية" الشاباك" ومصلحة السجون" الشاباص"، وتفتقر لأدنى صور ومقومات العدالة.*نوعية الطعامنوعية الطعام متردية إلى حد بعيد، لذلك يعتمد الأسير في معظم الأحيان على بقالة السجن (ما يسمى الكنتين) لشراء وطبخ الطعام، مما يثقل كاهل الأسير وعائلته مالياً، أما الأسرى الذين لا يملكون المال لذلك فيضطرون إلى تناول ما يقدم لهم، مما يتسبب لديهم بأمراض مثل فقر الدم وضعف التغذية وضعف البصر.*مشاكل بقالة السجن (الكنتين) تقوم إدارات السجون بإغلاق حسابات الكنتين الخاصة ببعض الأسرى لفترة طويلة، تصل إلى سنة كاملة لم يتم خلالها إدخال أية نقود إلى حسابات الأسرى المعزولين، الأمر الذي جعلهم يتخذون إجراءات لترشيد وتقتير الإنفاق إلى أبعد الحدود، وحجة الإدارة كانت أن تلك الأموال توضع من منظمات إرهابية،أسعار المواد في الكنتين ( بقالة السجن ) مرتفعة جداً وترهق ميزانية الأسرى فمثلاً لتر زيت الزيتون ثمنه أربعون شيكل (أكثر من عشر دولارات)، كما تمنع إدارة السجون إدخال أي نوع من الأطعمة والخضراوات وزيت الزيتون وغيرها، عن طريق زيارة الأهل الأمر الذي يضطر الأسير إلى شراء كل احتياجاته من الكنتين بأسعارها المرتفعة. *الإقامة مع المساجين الجنائيينوجود مساجين جنائيين إسرائيليين وعرب في قسم العزل مع الأسرى الفلسطينيين، يشكل معاناة أخرى، حيث رفع أصوات المسجلات ليلاً ونهاراً، والصياح المستمر والشتائم والكلام البذيء، ناهيك عن وجود مساجين مرضى نفسيين، حيث الصراخ  والضرب والطرق على الأبواب، والسباب والشتائم التي يكيلونها للأسرى الآخرين ولأعراضهم ولأهاليهم.في تلك الأجواء القاسية، ومن وراء أبواب موصدة، يعاني الأسير المعزول في أوقات كثيرة، من عدم القدرة على النوم والأرق والإعياء والضغط النفسي، فيلجأ إلى مناجاة الله والصلاة والدعاء، مستمداً قوته من إيمانه وشعوره بمعية الله وبعدالة قضيته التي أُسر من اجلها.وعند مطالبة إدارة السجون بتجميع الأسرى الفلسطينيين المعزولين في قسم واحد، بعيداً عن الأسرى الجنائيين أو المرضى النفسيين، تماطل وترفض إدارة السجن ذلك، وعند المطالبة بمعالجة الأسرى المرضى أو إخراجهم إلى مصحات نفسية، فان الإدارة ترفض ذلك أيضاً، وتستمر المعاناة.*تدهور حالة الأسرى الصحيةفي الأجواء اللاإنسانية في داخل السجون تعرضت صحة الأسري إلى التدهور والإهمال الطبي وتراجعت قدراتهم البدنية والنفسية ، إضافةً إلى التعرض للقمع والضرب، ساهم كل ذلك في تدهور الأوضاع النفسية والصحية ، حيث يتزايد  الاستهتار بحياة الأسرى وإهمالهم طبياً وتزايد إجراء تجارب لأدوية مختلفة على أجسادهم  فهناك المئات يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة وخبيثة وبحاجة لرعاية طبية فائقة لإنقاذ حياتهم من جراء سياسة الإهمال الطبي .*المداهمات وحملات التفتيشتستهدف المداهمات وحملات التفتيش؛ التي تقوم بها الفرق الأمنية الإسرائيلية في السجون، بث حالة من الذعر والرعب في نفوس الأسرى الفلسطينيين، وتبلغ قمة الاستفزاز و الاهانه في التفتيش العاري، حيث تحضر قوة خاصة وتقتحم غرف الأسرى.*التعذيب والعنف ضد الأسرى تعرض معظم الأسري في سجون الاحتلال إلى أساليب متنوعة من القمع والضرب واستخدام العنف أمر واقع في السجون الإسرائيلية ، والتعذيب لا يهدف كما هو معلن إلى انتزاع الإعترافات من المعتقل فحسب، بل يهدف إلى هدم الذات الفلسطينية والوطنية و تدمير الإنسان جسداً و إرادةً وروحاً معنوية، وتحطيم شخصيته وتغيير سلوكه ونمط تفكيره ليصبح عالة على أسرته ومجتمعه، كما وأنه من الخطأ الفادح الإعتقاد بأن التعذيب يمارس فقط في أقبية التحقيق، بل أنه يبدأ منذ لحظة الإعتقال ومرورا بفترة الإعتقال قصيرة أو طويلة وليس إنتهاءا بلحظة الإفراج، لأن آثاره تستمر إلى ما بعد ذلك بسنوات.والتعذيب في سجون الإحتلال الإسرائيلي لا يمكن وصفه ووصف فظاعة بشاعته وإجرام ممارسيه، ولا يشعر به إلا من ذاق مرارته، و ليس كل من نجا من التعذيب يمكنه الحديث عما تعرض له، ولكن هناك الكثير ممن نجوا تحدثوا وبمرارة عما تعرضوا له، وهناك الكثير ممن يمتلكون الجرأة للحديث عما تعرضوا له ولكن لم يجدوا آذانا صاغية. ولهذا لم يتفاجئ الأسرى الفلسطينيين من الصور التي نشرت حول تعذيب الأسرى في سجن أبوغريب بالعراق ومن ممارسات جنود الإحتلال وهم يتلذذون بتعرية الأسرى وعذاباتهم ويضحكون لإلتقاط الصور التذكارية، لأنهم تعرضوا لمثيلاتها وأحياناً لأبشع منها منذ عقود من الزمن في سجون الإحتلال الإسرائيلي.إن أثار التعذيب بالغة الخطورة، ويمتد تأثيرها لسنوات وعقود وأجيال، ولا يقتصر هذا التأثير على المعتقلين فحسب، وإنما يمتد ليشمل أسرهم وأطفالهم، آبائهم وأمهاتهم، وحتى أقربائهم و دائرة الأصدقاء والجيران.وللتعذيب ذكرياته الأليمة، وتعتبر من التجارب المؤلمة والقاسية في حياة الإنسان، و تبقى راسخة في شريط ذكرياته وتلاحقه أينما ذهب، وكلما تذكرها أو تذكر جزءاً منها كلما ازداد معاناةً، و نما لديه شعور الثأر و الإنتقام، فأيام وشهور وسنين الأسر، لا يمكن أن تمر دون أن تترك آثارها النفسية والجسدية على الأسرى وذويهم، ولا زال هناك الآلاف من الأسرى السابقين يعانون من أمراض مختلفة ومزمنة ورثوها عن سجون الإحتلال، ويجدون صعوبة في التكيف، ويواجهون الكثير من الصعوبات في العودة إلى الحياة الطبيعية، كما ويعانون من مشاكل جنسية وصحية ونفسية مختلفة، وكذلك من مشاكل اقتصادية تنعكس سلباً على نفسية الأسير المحرر، وهؤلاء يحتاجون لرعاية ومساندة خاصة بعد التحرر.فالتعذيب محظور ومحرم دوليا بكل أشكاله الجسدية والنفسية، إلا أن دولة الإحتلال الإسرائيلي تتجاوز هذا الحظر علانية، وتعتبر الدولة الوحيدة في العالم التي شرعت التعذيب في مؤسساتها الأمنية ومنحته الغطاء القانوني. ولم تقتصر ممارسة التعذيب على المحققين والسجانين، بل انضم إليهم الأطباء والممرضين أيضا حيث يساعدون أولئك بشكل مباشر أو غير مباشر.*منع الأسرى من مواصلة التعليم: منع الأسرى المعزولين من إكمال دراستهم الجامعية او ممارسة الانشطة الثقافية والتواصل مع الجامعات.*عزل القادة: من خلال إستهداف قيادات الحركة الأسيرة بعقوبة العزل، وخاصة في المرحلة السياسية الأخيرة بعد أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شليط، فقد تم عزل الكثير من قادة حركة حماس في السجون، مثل الأسير احمد سعدات ومروان البرغوثي  والأسير زاهر جبارين احد قادة الحركة الأسيرة في السجون الإسرائيلية، فقد تم عزلة لمدة عامين متواصلين، وزُج في زنزانة إنفرادية كانت معدة لأيال عامير قاتل إسحاق رابين، وقد كانت تلك الزنزانة مجهزه بكاميرات في كل جوانبها، حتى في الحمام، وذلك من اجل تقييد حركة الأسير جبارين وزيادة الضغط النفسي علية.*إعاقة زيارات المحامينتقوم إدارات السجون بإعاقة زيارات المحامين للأسرى، ويضطر المحامي إلى الانتظار وقتاً طويلاً بدون زيارة أي أسير، وتقوم الإدارة الادعاء في بعض الأحيان بعدم وجود الأسير في القسم أو السجن، رغم عدم صحة ذلك.الاعتقال الإداري التعسفي هو اعتقال تلجأ إليه دولة الاحتلال استناداً إلى أمر إداري دون محاكمه ودون سند قضائي أو لائحة اتهام. ويتم وفقاً لقانون الطوارئ البريطاني للعام 1945، والذي يتيح لدولة الاحتلال اعتقال الفلسطينيين لفترات قابله للتجديد ودون محاكمات أو إبداء للأسباب، وتعتمد على ما يسمى بالملف السري حيث يتم التذرع بوجود أدلة سرية لدى جهاز الأمن الإسرائيلي، والذي يكون تهمه ملفقه يتم بموجبها اعتقال الفلسطينيين إداريا لمدة مفتوحة دون أدنى حق في إجراءات قانونية أو توكيل محام للدفاع عنهم.       وقد استخدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الاعتقالات الإدارية على مدار السنين ضد ألاف الأشخاص وهكذا تحوَل هذا الإجراء إلى روتين وفي حالات معينه كإجراء إضافي للاعتقال وليس بديلاً له ولسنوات طويلة.الأسري النواب تواصلت عمليات اعتقال النواب من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ، بشكل عكس استخفافا بكل القيم والأعراف الدولية. ولا يزال رهن الاعتقال حتى الآن 27 نائبا في المجلس التشريعي الفلسطيني رهن الاعتقال وعلى رأسهم الدكتور عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي.*نضال الأسرى إتخذ الأسرى المعزولون عدة خطوات على مدى السنوات السابقة، وخاصة في الآونة الأخيرة، منها ترجيع وجبات الطعام ووصل الأمر في عدة حالات إلى الإضراب المفتوح عن الطعام والامتناع عن زيارة ذويهم .وسوف نسلط الضوء هنا على الإضراب عن الطعام كخطوة نضالية هامة في نضال الحركة الأسيرة .الحقيقة أن التحول الجذري في توجهات الحركة الأسيرة بدأ بعد اتفاقيات أوسلو...إذ تحول نضال المعتقلين وخطواتهم الاحتجاجية من النضال المطلبي الهادف إلى تحسين شروط الحياة المعيشية إلى النضال السياسي المطالب بالتحرر من الأسر وإطلاق سراح المعتقلين.واجمالا يعد إضراب الأسرى للحصول على حقوقهم يحمل في جوهره هدف سياسي، لأن حكومة إسرائيل عندما تسحب حقوق الأسرى وتتعامل معهم كجنائيين وكمجرمين تهدف بذلك تجريدهم من كونهم أسرى حرب او معتقلين حسب اتفاقيات جنيف، فكلما استطاع نضال الأسرى تثبيت الحقوق التي نصت عليها المعاهدات الدولية كلما فرضوا على حكومة إسرائيل أن تتعامل معهم وفق قواعد القانون الدولي الإنساني. العوامل المؤثرة على الإضراب   أن التحول الحاد في المجتمع الفلسطيني بإقامة السلطة الفلسطينية وتغير الاهتمامات والضبابية في الرؤية بين سلوك حركة تحرر وطني وسلوك حركة تحرر اجتماعي وبناء مجتمع مدني تركت ثقافة وتربية مشوهة في المجتمع الفلسطيني وعند الأجيال التي اعتقل الآلاف منها فيما بعد عكست نفسها سلبياً على حياة الاعتقال.إن عدم انتظام جميع الأسرى في الإضرابات المفتوحة عن الطعام يعود للأسباب التي ذكرتها إضافة إلى سياسة تمييز مقصودة في المعاملة التي يتلقاها الأسرى في معسكرات الاعتقال عن المعاملة التي يتلقاها الأسرى في السجون المركزية إلى جانب ما تركه الانقسام من تداعيات على الحركة الاسيرة  فبدون وحدة حقيقية ومساندة فاعلة ومؤثرة فان الأسرى  لن يستطيعوا مواجهة السجان وصون انجازاتهم وانتزاع حقوقهم المسلوبة ، وأن استمرار الأوضاع على ما هي عليه يعني مزيداً من الإستفراد والقمع والتصعيد ضدهم ، وطبعاً اعتقد أن هذا مبرر واهي وخلل كبير تقع فيه الحركة الأسيرة الفلسطينية. ومع ذلك هناك نماذج مشرفة تقدمها الحركة الاسيرة كان إبرازها مؤخر إضراب الأسير خضر عدنان الأسطوري الذي دام 66 يوم وإضراب الأسيرة هناء شلبي احتجاجا على الاعتقال الإداري الذي استمر لمدة 46 يوم .  في ظل حديث عن استفادة  الحكومة الإسرائيلية من تجربة حكومة "تاتشر" البريطانية مع الأسرى الايرلنديين عندما تركتهم يضربون حتى الموت دون الاستجابة لمطالبهم أو حتى التفاوض معهم. ولا غرابة لمثل هذه التصريحات لحكومة يمينية متطرفة ارتكبت جرائم حرب فظيعة بحق الشعب الفلسطيني، ولكنها مع تصاعد حركة التضامن مع الأسير خضر عدنان أطرت للاستجابة إلى اتفاق عد انتصار في تاريخ الحركة الأسيرة .




تأثير الإضراب على المجتمع الفلسطينينعم، شكّل إضراب الأسرى حالة وحدة وتلاحم في المجتمع الفلسطيني بعد حالة انقسام وجدل وخلافات داخلية. وأستطيع أن أقول أن قضية الأسرى هي من أكثر القضايا التي توحد الشعب الفلسطيني بكافة فئاته وأطيافه السياسية، ودليل على ذلك حركة التضامن الشعبي الواسع مع إضرابات الاسري عن الطعام .وقد توحدت الجهود الوطنية والمؤسساتية تحت إطار لجنة القوى الوطنية والاسلامية لمتابعة شؤون الأسرى والمعتقلين وهو إطار يضم كافة الأحزاب والتنظيمات الوطنية والإسلامية وبعض المؤسسات الحقوقية ووضعت الهيئة برنامجاً تضامنياً وفعاليات للأسرى التزم الناس بها بشكل مقبول.إن قضية الأسرى نجحت على طمس الخلافات الداخلية وأعطت بعداً جديداً في اهتمام الشارع الفلسطيني وهو النضال من اجل حرية وحقوق الأسرى. وإذا استمر هذا الزخم الشعبي فإنه سيكون من اكبر عوامل مساعدة الأسرى على الانتصار وتحقيق مطالبهم.وحول التوقعات لمصير الإضرابأقول إضراب بعض الأسري مثل اضراب خضر عدنان وهناء شلبي يعتبر اخطر الإضرابات التي خاضتها الحركة الأسيرة وأكثرها حساسية لأسباب منها طبيعة وتوجهات الحكومة الإسرائيلية بزعامة نتياهو  القائمة على الإجرام والعدوان وفي وقت لا يوجد فيه ولا يبرز أي أفق لحل سياسي أو انفراج سياسي في عملية الصراع، وفي وقت تقترب فيه الانتخابات الأمريكية واهتمام الإعلام بما يجري في العالم العربي من ثورات ...ومن هنا قد يكون اختيار التوقيت استعجال وسوء تقدير مع أنني أتفهم الحالة المتردية والمزرية التي يعيشها الأسرى في السجون التي اضطرتهم إلى هذا القرار.وإذا فشل إضراب الاسرى فإن وضع الأسرى سيؤول إلى كارثة وتعود حياتهم إلى الوراء حيث الذل والاضطهاد وسلب الحقوق، وأتمنى أن لا يحصل ذلك.انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني :تعد ممارسات دولة الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين، والمس بالظروف المعيشية لهم وحرمانهم من حقوقهم المكتسبة داخل المعتقلات، وإتباع  سياسة العقاب الجماعي بحقهم، ومحاولات  المس بكرامتهم الإنسانية وحقوقهم الأساسية والدستورية المنصوص عليها في القانون الدولي انتهاكاً للمعايير الدولية ذات العلاقة ولكل من مواد اتفاقية جنيف الثالثة حول أسرى الحرب للعام 1949، كما وتشكل انتهاكات فاضحة وجسيمة لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني بموجب المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949، بل ترتقي تلك الانتهاكات إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والتي تستوجب قيام كافة الأطراف السامية المتعاقدة بضرورة تفعيل الملاحقة الجزائية الدولية بحق دولة الاحتلال باعتبار الأسرى الفلسطينيين أسرى حرب وفقاً للمواثيق والاتفاقيات الدولية. وعليه فإننا:تستنكر السياسات الإسرائيلية الممنهجة تجاه الأسرى الفلسطينيين، وتدهور ظروفهم المعيشية والإنسانية داخل المعتقلات الإسرائيلية.دعوة المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري والجاد للضغط على حكومة الاحتلال لوقف ممارساتها القمعية الممنهجة بحق الأسرى من قبل إدارات سجونها وأجهزتها الأمنية.الضغط على حكومة الاحتلال بهدف تحسين الشروط الاعتقالية للأسرى الفلسطينيين.ضرورة تشكيل لجان تحقيق دولية للوقوف على حقيقة تلك الانتهاكات والجرائم التي يتواصل ارتكابها بحق الأسرى الفلسطينيين والعرب داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية.ختاما نقول :إذا كانت سلطات دولة الاحتلال الحربي الإسرائيلي تتفنن في ابتداع أساليب للتضييق على الأسرى والمعتقلين، وتستحدث أساليب أكثر شدة وألماً ، فان الواجب الوطني والإنساني يتطلب في هذه المناسبة التوحد خلف قضية الأسرى والمعتقلين، واتخاذ إجراءات جريئة على كافة المستويات تكون أكثر دعماً ومساندة لقضية الأسرى ، وعلى كافة المؤسسات التي تعنى بالأسرى الرسمية والشعبية ، والمؤسسات الحقوقية والإنسانية والمؤسسات التعليمية والإعلامية ،التعاون فيما بينها وتوحيد الجهود لتصب في بوتقة واحدة، استناداً لاستراتيجيه واضحة تعتمد على العمل الجماعي، في إطار تكامل الأدوار بما يضمن نتائج  تراكمية مؤثرة ، يمكن أن تُحدث طفرة نوعية تعيد لقضية الأسرى والمعتقلين اعتبارها الواجب، وتكون أكثر تأثيرا ونصرة لقضاياهم،  وعلى السلطة ومؤسساتها والفصائل والمنظمات الحقوقية و وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة المحلية والعربية ، منح قضايا الأسرى المساحة الكافية ، وإبراز حجم المعاناة التي يعانيها الأسرى وذويهم، وحجم الانتهاكات الخطيرة التي يتعرضون لها ، والتي ترتقي في كثير من الأحيان إلى مصاف الجرائم التي تستوجب الملاحقة والمحاكمة الدولية ، فإطلاق سراح المعتقلين في السجون الإسرائيلية بحاجة إلى كل جهد فلسطيني وعربي ودولي".كما نطالب " الصليب الأحمر " للتخلي عن موقفه الصامت والتحرك باتجاه حماية حقوق الأسري في سجون الاحتلال.خلاصة القول الأسرى في الوقت الحاضر بحاجة إلى تدخل شعبي وطني على كافة المستوي ، وهنا مطلوب من القيادة الفلسطينية قيادة حركة تضامن دولي وإعلامي وطني وقانوني ودبلوماسي لمتابعة النضال من اجل تحرير الأسري وضمان احترام حقوقهم وملاحقة الاحتلال على جرائمه بحق أسرنا وشعبنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق