السبت، 21 أبريل 2012

إلف.. باء الحريات.. في مجتمع تتراجع فيه الحرية

هناك قاعدة تقول: "تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين" ورغم التأكيد على أن الأصل في هذا المبدأ هو إشاعته، وليس تقييده، إلا أن إشاعة هذا الحق تتوجب أن تحمي حقوق الآخرين سواء كانوا أفراداً أو مجموعات، أحزاباً سياسية أو منظمات أهلية، أصحاب رأي أو مؤسسات صحفية وإعلامية. وفي هذا الإطار 
تعكس قاعدة "تنتهي حقوقك عندما تبدأ حقوق الآخرين" العلاقة التبادلية في الحقوق بين الأفراد. وفي تفسير هذه القاعدة يمكننا القول أنها تعني أن حقك تتوقف حدوده عندما تعتدي على حدود حقوق الآخرين، سواء كان هذا الاعتداء مادياً أو معنوياً. ولكن هذه القاعدة التي تنسجم مع التقييد الذي وضعه المشرع في المادة التاسعة عشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، من دون أدنى شك بأن هذا الحظر لا تختص به الدولة فقط، بل والأفراد أيضاً، وكذلك أجهزة الإعلام، وفي الوقت نفسه قد يشمل التقييد الموظفين الحكوميين، أو الشخصيات العامة والاجتماعية والسياسية من خارج دائرة الحكم، بل إن الأفراد قد يكونوا مواطنين عاديين وأجهزة الإعلام أجهزه خاصة، وكذلك الأمر فالصحفيون المستقلون و المتحزبين و أجهزة الإعلام الخاصة أو الحزبية، إذا تعرضت لسياسات المعارضين لها، فهل تمارس انتهاكات لمبدأ الحق في حرية الرأي والتعبير ؟!! وفي المقابل، هل تجيز إباحة هذا الحق نشر مفاهيم الكراهية والحقد تحت شرط الحرية ؟!! في هذا المضمار، فقد حدد الإعلان الصادر عن الاتحاد الدولي للصحفيين معيار السلوك الوظيفي الذي يجب أن يلتزم به الصحفيون أثناء جمعهم وبثهم ونشرهم وتعليقهم على الأخبار والمعلومات المصورة للأحداث. وأكد الإعلان على أن ضرورة احترام الحقيقة وحق الجمهور في معرفة الحقيقة هو الواجب الأول للصحفي، ولمتابعة هذا الواجب، على الصحفي في جميع الأوقات أن يدافع عن مبادئ الحرية في الجمع الشريف للمعلومات ونشر الأخبار، والحق في النقد والتعليق النزيهين. وعلى الصحفي أن ينقل الخبر وفقاً للحقائق التي يعتقد أنها هي الأصل، وعليه أن لا يحجب المعلومات الأساسية أو يزيف الوثائق. وأكد الإعلان أيضاً على ضرورة لجوء الصحفي إلى الأساليب النزيهة فقط في جمع الأخبار والصور والوثائق وبذل كل ما بوسعه لتصحيح أية معلومات منشورة تجانب الحقيقة، وأن يلتزم بالسرية المهنية فيما يخص مصدر المعلومات التي حصل عليها بموجب الثقة المطلقة، وأن يعي خطر التمييز الذي تعززه وسائل الإعلام، وأن يبذل ما بوسعه لتجنب تسهيل مثل هذا التمييز الذي يعتمد، من بين أشياء أخرى، على العرق، الجنس، اللغة، الدين، الرأي السياسي، الأصل الوطني أو الاجتماعي. وحذر الإعلان الصحفيين من ارتكاب المخالفات المهنية الجسيمة والتي حددها بالانتحال، تشويه الحقائق، الافتراء، القذف، التشهير، الاتهامات الباطلة، قبول الرشوة بأي شكل مقابل النشر أو حجب المعلومات. 
كما يقع انتهاك مبدأ الحق في حرية الرأي والتعبير من قبل السلطة ،يمكن له أن يقع من قبل الأفراد، الأحزاب السياسية، التجمعات الفكرية، وسائل الإعلام وغير ذلك فالانتهاك قد يحدث من قبل كل هؤلاء جميعاً. من قبل الأفراد إذا ما اعتدوا على حقوق الآخرين بالقذف والتشهير، ومن قبل الأحزاب السياسية إذا ما حظرت على أعضائها التعبير عن آرائهم المعارضة لرأي المجموع، ومن قبل التجمعات الفكرية التي قد تنكر على الآخرين حريتهم في اختيار معتقداتهم، والتعبير عنها، ومن قبل وسائل الإعلام التي قد لا تحسن استخدام هذا الحق عن قصد، وعن غير قصد. 
ولعل أخطر هذه الانتهاكات ما يأتي عن طريق وسائل الإعلام، ليس استناداً لطبيعة الانتهاك، وإنما نظراً لتوفر شيوعها بين الجمهور مقارنة بوسائل التعبير الأخرى لذا يعتبر الاستخدام المنحاز من قبل وسائل الإعلام لتغطية الحدث شكلاً غير مشروعاً من أشكال التعبير عن الرأي إن كان متناقضاً مع المعايير الدولية والوطنية الضامنة لحقوق الإنسان، أما أذا كان الانحياز من زاوية الانحياز إلى رأي سياسي، فكرياً كان أو أيديولوجياً، فإنه يعد عملاً مشروعاً طالما أنه يضمن الاعتراف بحقوق وحريات الآخرين، وسمعتهم، ويحترمها ويفي بمقتضيات الفضيلة، ولا يتعارض مع متطلبات الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة، ولا يدعو للحرب، أو الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية أو التمييز أو العداوة أو العنف. أما إذا خرج عن ذلك، فإنه يعد عملاً غير مشروع، ويتناقض مع المبادئ والمعايير الدولية والوطنية لحقوق الإنسان، بغض النظر عن الجهة المنتهكة لهذا الحق، أو الجهة الضحية لهذا الانتهاك. وهذا الأمر قاعدة أساسية تنطبق على الأفراد، كما تنطبق على السلطة.
شهد عام 2006 تقلص هامش الحريات العامة، فلقد عاشت الأراضي الفلسطينية جملة من مظاهر الفلتان الأمني وعدم احترام القانون، امتدت لتشمل حياة المواطنين وحقوقهم وحرياتهم الأساسية، فقد وقعت في الأرضي الفلسطينية جملة كبيرة من الجرائم والانتهاكات والاعتداءات على المواطنين وحرياتهم العامة، دون إجراءات وقائية وقانونية رادعة لأي من هذه الجرائم، على غرار حالات الخطف والاحتجاز للأجانب سواء كانوا صحفيين أو متطوعين أو عاملين في مؤسسات دولية حكومية وغير حكومية، وحوادث الاعتداء على القضاء والمحامين، والاعتداءات علي المؤسسات الاعلامية والعاملين فيهما، وحوادث الاغتيال الكثيرة، والاعتداء على المقرات العامة بما فيها مقر الرئاسة والمجلس التشريعي والمكاتب الفرعية والشرطة ومكاتب الوزارات المختلفة، وإطلاق النار العشوائي وترويع المواطنين، وحالات الاشتباك المسلحة بين المسلحين من حركة حماس وفتح في أكثر من وقت ومكان وارتفع عدد حوادث القتل بفعل فوضى السلاح، وانتشار ظاهرة الملثمين والحواجز غير القانونية، و زرع العبوات إمام مساكن بعض المواطنين وتحويل أماكن سكن المواطنين إلى ثكنات عسكرية من خلال وضع حواجز إسمنتية وغرف باطون معدة لإطلاق النار علي المواطنين، وازدياد نسبة جرائم الاعتداء بالسلاح علي المؤسسات الإعلامية والصحفيين، وازداد انتهاك بعض ألاذعات المحلية لأبسط قواعد حرية التعبير والحقيقة في اطر موجات مفتوحة للقذف والسب والتحريض علي الأخر الفلسطيني، وكل هذه الأحداث وقعت دون وجود محاسبة للمسئولين عن هذه الحوادث ما أدي إلى تراجع عام في هامش الحريات فحين ينطق الرصاص تموت الحريات وتتراجع الحرية. ولعل تفسير ذلك يعود إلى 
فعندما تصبح التعددية السياسية أو الدعوة إلى الديمقراطية واحترام الحريات تشكل جرما سياسيا واعتداء على السلطة وتهديداً للاستقرار، فهذا يعني أن السلطة الحاكمة لا تدافع عن احتكار السلطة فحسب ولكنها تطالب بالتسليم لها بالشرعية والقيادة بصورة مطلقة وأبدية، وتعكس هذه السياسات الأساليب القمعية التي لا تزال تعيق تنمية هذه الحياة وتنظيمها.. وهي تثير مسائل عديدة لا يمكن أن تستقيم حياة المجتمع ويتحقق ازدهاره من دون حلها بصورة ايجابية وصحيحة، فهي تطرح ثلاث نقاط رئيسية وهامة: 
أولا: أزمة النظام السياسي الفلسطيني ومسألة العلاقة الصعبة بين السلطة والمجتمع، فمن الواضح أن أصل المشكلة هي رفض الحزب الحاكم سابقا ورهنا القبول بالحوار في الموضوعات المتعلقة بالشأن العام انطلاقا من القاعدة التي سنه لنفسه وهي احتكار القيادة الاجتماعية والسياسية، فالحكم عبر الحزب أو الأجهزة البيروقراطية يصوغ ويبلور ويقرر ويملي عبر مسؤولية، والمجتمع يتلقى وينفذ ويخضع من دون اعتراض ولا تردد ولا حق في النقاش، وكل ما يتجاوز هذه القاعدة الذهبية يمثل إثارة للحرب الأهلية وتهديدا لأمن المجتمع.
ثانيا:العلاقة بين السلطة والقانون، فلا يبدو أن هناك أي اعتبار لحرمة القانون واستقلاله، بشكل يحوله إلى أداة سياسية من أدوات تثبيت الحكم والدفاع عنه ضد كل منتقديه أو بالأحرى غير المناصرين له، ولا تتردد السلطة في استخدامه حسب ما تقتضيه الحاجة لإحباط إرادة خصومه السياسيين أو الفكريين ويخرجهم نهائيا من الساحة العمومية، ولا يضيره في ذلك أن تكون التهم غير حقيقية أو أن يفقد القانون أي صدقيه 
ثالثا: تداول السلطة بشكل سلمي والوصول إلى توافق سلمي بالمجتمع ، فإذا كان أي حديث عن ضرورة أو احتمال التغيير أو توطين التعددية السياسية أو الدعوة إلى الديمقراطية واحترام الحريات الأساسية يشكل جرما سياسيا يقع تحت طائلة الاتهام بتهديد الاستقرار، وإذا كان أي حديث من خارج صفوف الحكم عن الإصلاح أو تداول السلطة يبدو عند بعض من في السلطة أنه تعبير عن إرادة انقلابية وعدوانية تهدف إلى تغيير السلطة بوسائل غير شرعية ويستحق بالتالي أقسى أنواع العقاب، فهذا يعني بكل بساطة أن النظام لا يدافع عن احتكار السلطة المطلق فحسب ولكنه يطالب أيضا بالتسليم له بالشرعية والقيادة بصورة مطلقة وأبدية.
تطرح هذه السياسات المسألة الأكثر خطورة التي تمثل اليوم موضوع النقاش "العنف السياسي" وأثرة علي الحريات العامة وحقوق المواطن ، فإذا كانت السلطة العمومية لا تسمح لأي فئة من فئات المجتمع بالدفاع عن مصالحها أو التذكير البسيط بهذه المصالح أو التعبير عما يثير قلقها ومخاوفها بأي وسيلة من وسائل العمل السياسي السلمي ، أي إذا كان من غير المسموح استخدام التظاهر أو الاعتصام أو الإضراب أو النشر أو التنظيم السياسي أو التنظيم النقابي للتعبير عن نفسها والتذكير بمصالحها، فماذا يبقى أمام الأطراف التي تشعر بالإجحاف أو التي تريد أن تزيل ظلما وقع عليها غير اللجوء إلى العنف الأعمى.
إن ابتداع السياسة لم يكن يهدف إلى شيء آخر سوى تكوين حيز للتوسط بين السلطة التي تخضع لمنطق خاص بها هو منطق الحفاظ على الوحدة والسيادة والقانون، والمجتمع الذي يتكون من فئات ومصالح وتيارات واعتقادات مختلفة بالضرورة ومتنافسة إن لم تكن متنازعة، بحيث يساعد هذا الحيز على إيجاد التسويات الاجتماعية وينفس التوترات والاحتقانات الناجمة عن التنافس والتنازع الطبيعيين، ويعمل بالتالي على تجنيب المجتمعات السقوط في محنة علاقات القوة المحضة التي تعني أن الأقوى عسكريا هو الذي يفرض رأيه ومصالحه على الآخرين، ويخلد من ثم الحرب الأهلية.

وهكذا تم إنشاء حقل من العلاقات تدعمه مجموعة من وسائل الضغط والتعبير السلمية يقع في تلك المنطقة الوسطى بين الفكرة والقوة، ويمكّن جميع الأطراف من أن تضمن حدا أدنى من إمكانية التأثير بوسائل سلمية في الأطراف الأخرى وفي القرار العمومي يقيها خطر الانقسام التبعثر ولا يضطرها في الوقت نفسه إلى اللجوء إلى العنف والقوة.
فإذا قرر أحد الفرقاء إلغاء هذا الصعيد الوسيط أو التوسطي الذي يسمح لجميع الأطراف بالدفاع عن نفسها ومصالحها بوسائل سلمية، أي من دون أن تهدد استقرار النظام العام، فهو لا يحرم المجتمع من أي فرص مبادرة وحوار وتفاهم ويفرض على النظام السياسي الجمود المطلق فحسب، ولكنه يدفع حتما إلى جعل القوة المجردة مبدأ القيادة وقاعدة الحكم.

وإدراكا لذلك، فليست السياسة مصدر الخطر أو مجاله في المجتمعات الإنسانية، ولكن بالعكس تماما من ذلك بل أن غيابها وتغييب إرادة الأفراد وإنكار مصالحهم وآرائهم والقضاء على استقلالهم الفكري والسياسي، ومنعهم من حرياتهم وحقوقهم هو الخطر الكبير، ومن يراجع تاريخ الشعوب المعاصرة يدرك أن مسيرة التقدم الحضاري الحديث كانت مرتبطة ارتباطا جدليا في كل حقبة وعصر بتقدم شروط الحرية، أي بنجاح المجتمعات في انتزاع وتكريس المزيد من الحريات والحقوق والاستقلالية الفكرية والسياسية الفردية والجماعية، وبالعكس فإن جميع المكاسب والإنجازات المادية والتقنية والعلمية مهما بلغت عظمتها ودرجة تراكمها لا تستطيع أن تقاوم طويلا انحطاط الإنسان وانهيار قيمه المدنية والسياسية، فاستخدام لغة لا تتيح مجالاً لاحترام الرأي الآخر، أو لأي تعددية سياسية يؤدي إلى تراجع الحريات وغياب وتعطيل تمتع المواطنين بحقوقهم ، فقد ازدادت حده الصراعات بين أنصار الحزب الحاكم القديم والجديد ؛ ووصلت إلى حد المواجهات المسلحة وقتل عدد كبير من المواطنين في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى وصل الأمر إلي الاعتداء على رموز وممثلي هذه الجهة أو تلك، ثم وصلت الأمور إلى مستوى خطير من التدهور في مجال حرية الرأي والتعبير، التي تعتبر من ركائز التعددية السياسية، حينما تعرض الصحافيون والمؤسسات الإعلامية إلى اعتداءات متكررة ،إلى أن اجتازت كل المحاذير بالتهديد بتصفية واغتيال بعض الكتاب والصحفيين.
لقد أصبح المجتمع الفلسطيني مهدداً جدياً بصراعات عنيفة في ظل حالة الاحتقان ومراكمة عناصر القوة لدى جهات ومراكز مختلفة، وفي ظل تراجع مقومات الديمقراطية، وتراجع ما تم انجازه من عناصرها خلال العقود الماضية، وتراجع مؤشرات تشكيل حكومة الوفاق الوطني، فهناك حالة من التطرف والتعصب الديني والفئوي، بدأ يتسع نطاقها شيئاً فشيئاً، يجري كل ذلك في ظل غياب سلطة القانون، والنظام في المجتمع الفلسطيني. وهذا من شأنه أن يدفع الأحزاب والجماعات إلى حل التنافس فيما بينها والصراع القائم على أسس عقائدية ومصلحية عن طريق العنف أو المحاصصة، فيما لو بقيت الأمور على هذه الشاكلة.
إن حماية حقوق الإنسان في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، وإرساء دعائم حكم القانون تتعرض جميعها لأفضح ضرر، والتي لا تساعد على ممارسة المواطنين الفلسطينيين لحقوقهم الأساسية التي كفلها القانون الأساسي، وأهمها الحق في التعبير عن الرأي وحرية الصحافة والتعددية السياسية، كما أنها تقوض ركائز بناء مجتمع القانون والمؤسسات الذي ينشده غالب المواطنين.
ولمن يجهل التاريخ ويجهل قواعد الحياة نقول: الفكر لا يحسم بالعنف أو الاغتيال أو إخفاء الصوت الآخر، فالفكر يرد بالفكر، وساحة الحوار تتسع لصراع الأفكار، أما جعجعة السلاح فلا تنتج طحيناً، بل تجعله خليطاً برائحة البارود، والحوار يجب ان يتجه أولاً وقبل كل شيء بإقرار حق الغير "الآخر" في التعبير وفي التعايش وفي المنافسة السليمة، فمحاكمة الفكر أو محاصرته اجتماعياً لدعاوي سياسية أو اعتبارات السلطة وشئونها، يعني إصدار حكم بالموت المدني دون محاكمة، وهو مناقض لروح وجوهر الأديان السماوية السمحة التي تقر مبدأ التسامح، فعدم التسامح يعني منع الاجتهاد وتحريم وتكفير أي رأي حر وجديد، بحجة المروق. فقد سمح الإسلام بحرية الخطأ إذا اقترن بالسعي في الاجتهاد حين أكد على أن "المجتهد إن أصاب فله حسنتان، وإن اخطأ فله حسنة الاجتهاد"، بمعنى أن الخطأ مع الاجتهاد يتحول إلى حسنة، لأنه محاولة لاستخدام العقل، وذهب الإمام الشافعي للقول "رأيي على صواب ولكنه يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ، ولكنه يحتمل الصواب" وهو رد بليغ على أفكار التعصب والانغلاق والعنف وعقلية التحريم والتجريم وفرض الرأي، التي قادت من الناحية السياسية الى احتكار الحكم وتبرير مصادرة حقوق الآخرين، تارة باسم الصراع العربي – الإسرائيلي، وأخرى باسم الحقيقة ، وثالثة باسم الدين لإسكات أي صوت ولتسويغ الاستئثار وإدعاء امتلاك الحقيقة.

وتزداد اللوحة قتامه في ظل المجتمع الواحد حين يتم التمترس الفئوي وحين ينظر إلى الآخر كخصم وعدو، بل أشد عداوة من العدو الحقيقي أحياناً، وتجري محاولات لإلغاء الفرق والاجتهادات وتعميم نظرة أحادية الجانب وفقاً للأفكار الشمولية التي لا تعترف بالغير.برغم انه لا يوجد مجتمع في العالم بدون اختلافات أو اجتهادات مختلفة أو انقسام في الرأي أو معارضة، بل يمكن القول إن مجتمعاً بلا اختلاف أو تمايز أو خصوصيات، هو من صنع الخيال، ولا وجود له على أرض الواقع، بل أنه مجتمع ميت إن وجد، فالتماثل ضرب من المحال، فالتعددية والتنوع وحق الاختلاف والاجتهاد وحرية التعبير عن الرأي يجب إن تكون مصانة في إي مجتمع وإلا تعرضت أركانه إلى الخطر الشديد والتدمير الذاتي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق